فجأة و بدون مقدمات، اعلن عن دخول قطر على خط مفاوضات الكويت اليمنية، وتمكنها من الضغط على عبدربه منصور هادي، واقناعه بإعادة وفد حكومته الى المفاوضات بعد ستة أيام من تعليق مشاركته فيها ومطالبته ضمانات مكتوبة من الطرف الاخر (الحوثيين والمؤتمر الشعبي) بالالتزام بمرجعيات التفاوض المتفق عليها مسبقا.
– لكن الطريقة التي اعلن من خلالها عودة وفد حكومة هادي الى المفاوضات، يمكن اعتبارها حركة سياسية مبتذلة، ومسرحية رديئة الإخراج، وكان الهدف الرئيسي منها محاولة إيجاد دور ما لقطر في المفاوضات يلبي رغبة قيادتها في الظهور كلاعب رئيسي في واحدة من القضايا الرئيسية في المنطقة، وبصورة لاتقل أهمية عن الدور الذي تلعبه الكويت المستضيفة وسلطنة عمان وحتى السعودية المعتدية.
– كان لافتا الضجة الإعلامية الكبيرة للدور القطري المفاجئ خاصة في الاعلامين القطري والسعودي بدرجة تالية، رغم ان الامر لم يتعد مجرد لقاء هامشي لأمير قطر مع هادي وبحضور بان كي مون، مع ملاحظة عدم الكشف عن أية تفاصيل بشأن الدور القطري ونوعية الضغوط والمغريات المقدمة لهادي و وفده، علاوة على انه كان بالإمكان ان يقوم بان كي مون بمهمة الضغط على هادي خلال لقائهما في الدوحة، او ان يقوم بتلك المهمة امير الكويت، الذي تمكن قبل ذلك من اعادة الطرفين الى طاولة الحوار.
– كما انه في حقيقة الامر لم يطرأ شيء جديد على المفاوضات، بحيث يتم استخدامه من قبل وفد حكومة هادي كمبرر لعدول وفد الرياض عن تعليق مشاركته في المفاوضات، فهناك فرق شاسع بين الحصول على التزام خطي من الطرف الاخر في المفاوضات بالمرجعيات المؤكد عليها مسبقا، و بين التزام الوسيط الاممي، الذي يؤكد باستمرار عليها وعلى ان طرفي المفاوضات موافقان على المرجعيات، وان الخلاف في ترتيب مواعيد تنفيذها.
– لكن ونظرا لأن احتضان الدوحة وتمويلها للإخوان وعداوتها الشديدة للرئيس السابق، يجعل من الصعب دخول قطر ضمن دائرة الوسطاء الرئيسيين في المفاوضات، لذا تم اختيار لعبها دور الوسيط المنقذ الذي دخل بصورة مفاجئة وغير متوقعة لإنقاذ المفاوضات في اصعب اوقاتها، رغم محدودية ووقتية ذلك الدور.
– لذا ولإضفاء أهمية كبرى للدور الذي لعبته قطر في المفاوضات، تم اخراج الدور القطري عبر تدخل أميرها بشكل مباشر وليس عبر وزير خارجيتها كما يفترض في مثل هذه الحالات، وتم ممارسة الضغط على هادي مباشرة وليس على المخلافي، وبحضور وتنسيق مع ارفع مسئول اممي (بان كي مون ) وليس مع ولد الشيخ احمد، ولإبراز أهمية الدور القطري وتدخلها في اللحظات الحرجة، حرص عبدالملك المخلافي على التأكيد ان عودتهم الى المفاوضات هي فرصة اخيرة للمفاوضات، وهو ما ذهب اليه ولد الشيخ أيضا بتكرار حديثه عن ان مفاوضات الكويت فرصة تاريخية لن تتكرر.
– من الواضح ان قرار وفد حكومة هادي تعليق مشاركته، اختير بعناية وبالتنسيق مع ولد الشيخ والنظام القطري، حيث تم قبل أيام من موعد انطلاق اعمال منتدى الدوحة السادس عشر، والذي يوفر فرصة مناسبة للنظام القطري يستطيع من خلالها لعب دور هام – يحسب لها – في المفاوضات، و لا شك ان ذلك لن يكون دون مقابل مادي مجزي لهادي ووفد حكومته و لولد الشيخ في صورة تكشف جانب من الصورة الحقيقية لما يحدث من استرزاق ومتاجرة بالدماء وبالمشاعر وبحاضر ومستقبل اليمن.